من حقوق القرآن
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن
إحدى بركات هذا الشهر الكريم -شهر رمضان- ما يُلقيه الله -عز وجل- في قلوب
العباد من انفتاح على القرآن، فيقبل الرجال والنساء -حتى العصاة منهم- ومن
لم يبلغ الحلم بعد على القرآن، يقلِّبون صفحاته، وينظرون في آياته،
بالإضافة إلى توافر الرغبة في ختمه وإنهائه، ليس مرة واحدة، بل ربما مرات
ومرات، وفي سبيل ذلك تُستغل الأوقات -الفارغ منها والممتلئ- فتجد المصاحف
ترتفع في وسائل المواصلات، مُعلنة عن قدوم رمضان، وتجد المذياع يرتل بأصوات
القارئين التي طالما اُستبدل بها أصوات الفـُساق، وبين هذا وذاك صلوات
وتلاوات تملأ المساجد والخلوات.
ومع
اعترافنا أن هذه وجوه من الخير لا تـُنكر؛ إلا أنها مازالت دون الواجب
بكثير، وأدنى من "حقوق القرآن" على المسلمين؛ لأنه ما تزال الفجوة بين
المسلمين والقرآن كبيرة، فالكثير منهم يعتقدون أن أسمى حقوق القرآن أن يوضع
في مقدمة السيارة، أو يُعلق على جدران المنازل، أو على أرفف المكاتب!
بل
ارتبط القرآن الكريم في أذهان الكثيرين -للأسف- بالأحزان والمآتم، وأصبحت
وظيفة القرآن هي قراءته ترحمًا على الأموات والمقبورين، فالقرآن فينا هو
الحاضر الغائب؛ الحاضر بقرائه وحفاظه، وطبعاته وهيئاته، لكنه الغائب بتدبره
وفهمه وتحكيمه.
لأجل هذا رأينا استغلال هذه الإشراقة الإيمانية بقدوم رمضان في تبصير المسلمين ببعض حقوق القرآن العظيم:
1- الإيمان بالقرآن:
فيؤمن
المسلم بأن القرآن كلام الله حقيقة ألفاظه ومعانيه؛ المنزل على رسوله -صلى
الله عليه وسلم-، والمتعبد بتلاوته، وهذا مع أنه أمر بدهي إلا أن غيابه
أورث خللاً ظاهرًا في التعامل مع القرآن كما حدث مع بعض أهل البدع الذين
قالوا بأن القرآن مخلوق.
(والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)(البقرة:4)،(آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ
آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(البقرة:285)،(الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ
يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(البقرة:121.
- احترام القرآن وتعظيمه:
ومما يعين علي ذلك استشعار أنه كلام الله العظيم، وليس كلام أحد من البشر، ثم استشعار أن الله يناديه، ويخصه بهذا الكلام: (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف:204).
وقد
قال القاضي عياض -رحمه الله-: "اعلم أنه من استخف بالقرآن أو بالمصحف أو
بشيء منه، أو سبهما، أو جحد حرفـًا منه، أو كذَّب بشيء مما صرح به فيه من
حكم أو خبر، أو أثبت ما نفاه، أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك، أو شك في شيء
من ذلك؛ فهو كافر بإجماع المسلمين".
ويتنافى
مع هذا التعظيم من يضحك ويلهو عند القراءة أو السماع، أو لا يهتم بحفظه
فيلقيه بدون عناية، أو يضع فوقه الأشياء، أو يتروَّح به، أو يمد رجليه
إليه.
3- العمل بالقرآن:
العمل بالقرآن هو الغاية من تنزيله، وبرهان هذا العمل هو سرعه التطبيق والامتثال لأوامره ونواهيه.
وقد وصف اليهود في القرآن أنهم مغضوب عليهم؛ لأنهم كانوا يعرفون الأحكام ولا يمتثلونها، فمن فعل ذلك
من المسلمين فقد شابه اليهود في إحدى خصالهم: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ
أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة:5)، (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155).
عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: "حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم- أَنَّهُمْ كَانُوا
يَقْرَؤُونَ مِنْ رَسُولِ الله -صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم- عَشْرَ
آيَاتٍ، فَلا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا
فِي هَذَا مِنَ الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ"، قَالَ: "فَعَلَّمَنَا الْعَمَلَ
وَالْعِلْمَ".
وسئلت
عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ) (رواه أحمد
ومسلم).
عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: "أُمر الناس أن يعملوا بالقرآن، فاتخذوا تلاوته عملاً".
قال الحسن بن علي: "اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فليست بقراءة".
4- تعلمه وتعليمه:
فأسرع
طريقه لتحصيل العلم هي مدارسه القرآن، والعكوف على فهمه وتدبره، وأفضل
وسيلة لتحصيل الأجر والثواب هي تعليم القرآن ونشر أحكامه بين الناس؛
(خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) (رواه البخاري).
قال
عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "عليكم بالقرآن فتعلموه، وعلموه
أبناءكم، فإنكم عنه تـُسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظـًا لمن عقل".
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إذا أردتم العلم فانثروا هذا القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والآخرين".
قال الحسن بن علي: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها بالنهار".
5- دعوة الناس بالقرآن:
(فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق:45)، (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ
أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) (التوبة:6)، (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً)
(الإسراء:106)، (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ) (النمل:92).
وقد
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في كثير من مناظراته وحواراته مع المشركين
ومع غيرهم يقيم عليهم الحجة بالقرآن، ويكتفي فقط بمجرد تلاوته على
أسماعهم، فيكون لذلك أعظم الأثر في هدايتهم.
6- لا يُتخذ القرآن معيشة أو وسيلة يتكسب بها:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ
الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ -ريحها- الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
(مَنْ
طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِىَ بِهِ
الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي
النَّارِ) (رواه ابن
ماجه، وحسنه الألباني)، (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلا تَغْلُوا فِيهِ وَلا تَجْفُوا عَنْهُ وَلا تَأْكُلُوا بِهِ وَلا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
والمقصود من ذلك هو من يريد بتعلم القرآن طلب مال، أو جاه، أو رئاسة، أو ارتفاع على الأقران، أو ثناء عند
الناس، أو غير ذلك من الأغراض الدنيَّة الحقيرة، أما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف فيه العلماء،
والراجح
جوازه؛ لحديث: (إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ
اللَّهِ) (رواه البخاري)، خصوصًا إذا كان سيتم تفريغ الحفاظ لهذه المهمة.
7- حفظ القرآن:
(بَلْ
هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا
يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ) (العنكبوت:49)، (إِنَّ
الرَّجُلَ ا
لَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ) (رواه أحمد والترمذي، وضعفه الألباني).
قال
سهل بن عبد الله -رحمه الله- لأحد طلابه: "أتحفظ القرآن؟"، قال: "لا"،
قال: "واغوثاه لمؤمن لا يحفظ القرآن، فبم يترنم؟ فبم يتنعم؟ فبم يناجي
ربه؟!".
8- تعهد القرآن وعدم نسيانه:
قال الله -تعالى-: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان:30)، وقال -صلى الله
عليه
وسلم-: (تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا) (متفق
عليه)،
وفي
رواية لمسلم: (وَإِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ).
9- تلاوته:
فتلاوة
القرآن من أجلِّ العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله -عز وجل-؛ لأن
التلاوة هي وسيلة التفهم والتدبر لكلام الله، والذي يدفع بعد ذلك إلى العمل
به وتطبيقه: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ
تِجَارَةً لَّن تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن
فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر:29-30)، وقال -صلى الله عليه
وسلم-: (الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ
الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ
لَهُ أَجْرَانِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححها الألباني)، وقال: (اقْرَءُوا
الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ)
(رواه مسلم)، وقال: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ
حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ الم حَرْفٌ
وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) (رواه الترمذي،
وصححه الألباني).
10- المحافظة على قراءته أثناء الليل، وخصوصًا في الصلاة:
(لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) (آل عمران:113)، (نِعْمَ
الرَّجُلُ
عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ) (متفق عليه)،
(وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزَّهُ
اسْتِغْنَاؤُهُ
عَنْ النَّاسِ) (رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني).
(يَا
عَبْدَ اللَّهِ لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ
قِيَامَ اللَّيْلِ) (متفق عليه)، (مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ
يُكْتَبْ مِنْ
الْغَافِلِينَ،
وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ
بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ) (رواه أبو داود، وصححه
الألباني).
ولما
أراد الله أن يكلف نبيه بالرسالة وجَّهه إلى ما يعينه على ذلك فقال: (يَا
أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً .
نِصْفَهُ
أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلاً . إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً . إِنَّ
نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ
أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً . إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً) (المزمل:1-7).
11- الخشوع والتدبر عند القراءة:
لأن العبرة ليست في ترديد الآيات فحسب؛ وإنما المقصود هو فهم معانيها، والوقوف على أهدافها، وإدراك ما
فيها من أسرار وحكم ومواعظ، بل ذم القرآن بني إسرائيل في عده مواطن؛ وذلك بسبب أنهم كانوا يقرأونه
قراءة
مجردة عن الوعي والتطبيق: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا)
(النساء:82)،
(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ
وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) (ص:29)، (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا
أُنزِلَ
إِلَى
الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ
مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83).
(قُلْ
آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ
مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا .
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً .
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) (الإسراء:107-109).
(لَوْ
أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا
مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21)، (اللَّهُ
نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ
جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ
يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23).
عن
أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَرَأَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ يَرْكَعُ
بِهَا وَيَسْجُدُ بِهَا (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ
تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (رواه أحمد
والنسائي، وصححه الألباني).
قال علي -رضي الله عنه-: "لا خير في قراءة لا تدبر فيها".
قال بعض السلف: "لي في كل جمعة ختمة، وفي كل شهر ختمة، وفي كل سنة ختمة، ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد".
12- التجمل في الظاهر والباطن عند إرادة القراءة:
فمنها التطهر؛ لحديث: (لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ) (رواه الدارقطني والطبراني، وصححه الألباني).
ومنها: التطيب، وتنظيف الفم بالسواك، واستقبال القِبلة، وكذلك يختار لموضع قراءته مكانـًا نظيفـًا، ويُستحب أن يكون في المسجد.
كتبه/ أحمد الشحات