انواع النفوس كما وردت في القرآن
قد نقول: إن علم النفس علمٌ حديث، يتحدَّث عن طبيعة النفس, وعن قوانينها، وعن الهيجان، وعن الغضب، وعن الدوافع، وعن الحاجات، وعن أحوال النفس في قوتها, وضعفها، في سموها, وانحطاطها، ونغفل أو نتغافل عن أنَّ في القرآن الكريم علماً للنفس من عند الخالق جلَّ وعلا .
وقع قبل أيام تحت يدي كتاب اسمه: (علم النفس الإسلامي) تصفَّحته، فرأيت فيه العجب العجاب, رأيت أن كل مصطلحات علم النفس، وكلَّ قوانين علم النفس في الأعم الأغلب، قد وردت بشكلٍ أو بآخر في القرآن الكريم .
فمن هذه الأبواب التي وردت في هذا الكتاب؛ باب يتحدَّث عن أنواع النفس، هذا ما يعبَّر عنه بالنماذج البشرية, هناك نماذج متكررة وصفها ربنا عزَّ وجل, هناك النفس المطمئنة ، وهناك النفسٌ اللوَّامة، وهناك النفسٌ الذكية, وهناك آياتٌ كثيرةٌ تصف هذه النماذج, قال تعالى:
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾
[سورة الفجر الآية: 27-30]
أنواع النفوس كما وردت في القرآن الكريم :
1- النفس المطمئنة :
النفس المطمئنة: هي التي عرفت ربها، واطمأنت إليه, اطمأنت إلى أسمائه الحسنى وصفاته الفضلى, اطمأنت إلى وعده ووعيده، اطمأنت إلى جنته، اطمأنت إلى وحدانيته, اطمأنت إلى أنه لا إله إلا هو .
2- النفس الزكية :
هناك نفسٌ تقع في الدرجة الثانية: هي النفس الزكية الطاهرة من كل دنس، من كل عيب, من كلِّ صفةٍ خسيسة, النفس الذكية التي تعطي ما عليها، وتأخذُّ ما لها من دون أن تجحف, من دون أن تطغى، من دون أن تبغي، من دون أن تظلم, قال تعالى:
﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً﴾
[سورة الكهف الآية: 74]
﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً﴾
[سورة الكهف الآية: 74]
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾
[سورة الشمس الآية: 9-10]
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾
[سورة الشمس الآية: 7-8]
3- النفس اللوامة :
أما النفس التي أثنى الله عليها، فهي نفس عامة المؤمنين، هي النفس اللوَّامة، قال:
﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾
[سورة القيامة الآية: 1-2]
هذا الذي كلما تكلَّم كلمةً فحصها، وحاسب نفسه عليها, أيجوز أن أقول هذه الكلمة؟ لعلها غيبةٌ، لعلها نميمةٌ، لعلها تسخط الله عزَّ وجل, وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ))
[أخرجه البخاري في الصحيح]
هذه النفس اللوامة، نفسٌ أثنى الله عليها, ويجب أن يكون المؤمن لوَّاماً، يسأل نفسه دائماً، يحاسبها في الدنيا حساباً عسيراً، حتى يكون حسابُها يوم القيامة يسيراً, يحاسب نفسه على الدرهم، فضلاً عن الدينار, يحاسب نفسه على النظرة، يحاسب نفسه على الكلمة, يحاسب نفسه على أي عدوانٍ معنويٍ أو ماديٍ على حقوق الإنسان, هذه النفس اللوامة نموذجٌ آخر ورد في القرآن الكريم .
4- النفس الحاسدة :
هناك نفسٌ حاسدةٌ, قال تعالى:
﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾
[سورة البقرة الآية: 109]
النفس البعيدة عن الله عزَّ وجل تحسد الناس .
5- النفس الآثمة والنفس الأمارة بالسوء والنفس الظالمة .......
هناك نفسٌ آثمةٌ، تقع فيما حرَّم الله, قال تعالى:
﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ﴾
[سورة النساء الآية: 111]
نفسٌ آثمة، ونفسٌ أمارةٌ بالسوء, قال تعالى:
﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾
>[سورة يوسف الآية: 53]
نفسٌ ظالمةٌ، ونفسٌ مخادعةٌ، ونفسٌ شاذةٌ، ونفسٌ مستكبرةٌ عاتيةٌ، ونفسٌ بخيلة .
اسأل نفسك هذا السؤال :
فيا أيها الأخوة الأكارم, إذا قرأتم القرآن، وجاءت الأوصاف لهذه النفوس، اسأل نفسك هذا السؤال الخطير: من أي النماذج أنت؟ من المطمئنة, أم من الزكية, أم من اللوامة, أم لا سمح الله من الحاسدة, أم من الآثمة, أم من الأمَّارة بالسوء, أم من الظالمة, أم من الخادعة, أم من المستكبرة العاتية, أم من البخيلة؟ .
بابٌ من أبواب علم النفس يصف لك النموذج البشري، الذي يتكرر في كلِّ زمانٍ، وفي كلِّ مكان .