آية وتفسير
الأية/ قال الله تعالىSad( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)).(الزمر:10)
تفسير:
تفسير الدرر المنثور/ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) قال : لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)). قال : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم ولكن يزادون على ذلك .
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله إذا أحب عبداً أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صباً ، ويحثه عليه حثاً ، فإذا دعا قالت الملائكة عليهم السلام : صوت معروف قال جبريل عليه السلام : يا رب عبدك فلان اقض حاجته . فيقول الله تعالى : دعه إني أحب أن أسمع صوته . فإذا قال يا رب . . قال الله تعالى ، لبيك عبدي وسعديك . وعزتي لا تدعوني بشيء إلا استجبت لك ، ولا تسألني شيئاً إلا اعطيتك . أما أن أعجل لك ما سألت ، وأما أن أدخر لك عندي أفضل منه ، وأما أن أدفع عنك من البلاء أعظم منه . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وتنصب الموازين يوم القيامة ، فيأتون بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الصيام فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ، ويصب عليهم الأجر صباً بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية أنهم كانوا في الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل . وذلك قوله (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )).
وأخرج الطبراني وابن عساكر وابن مردويه عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة ، فلا يرفع لهم ديوان ، ولا ينصب لهم ميزان يصب عليهم الأجر صباً . وقرأ ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )).
تفسير فتح القدير/((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)). أي : يوفيهم الله أجرهم في مقابلة صبرهم بغير حساب ، أي : بما لا يقدر على حصره حاصر ، ولا يستطيع حسبانه حاسب . قال عطاء : بما لا يهتدي إليه عقل ، ولا وصف . وقال مقاتل : أجرهم الجنة ، وأرزاقهم فيها بغير حساب . والحاصل : أن الآية تدلّ على أن ثواب الصابرين ، وأجرهم لا نهاية له ، لأن كل شيء يدخل تحت الحساب ، فهو : متناهٍ ، وما كان لا يدخل تحت الحساب ، فهو : غير متناه ، وهذه فضيلة عظيمة ، ومثوبة جليلة تقتضي أن على كل راغب في ثواب الله ، وطامع فيما عنده من الخير ، أن يتوفر على الصبر ، ويزّم نفسه بزمامه ، ويقيدها بقيده ، فإن الجزع لا يردّ قضاء قد نزل ، ولا يجلب خيراً قد سلب ، ولا يدفع مكروهاً قد وقع ، وإذا تصوّر العاقل هذا حقّ تصوره ، وتعقله حقّ تعقله علم أن الصابر على ما نزل به قد فاز بهذا الأجر العظيم ، وظفر بهذا الجزاء الخطير ، وغير الصابر قد نزل به القضاء شاء أم أبى ، ومع ذلك فاته من الأجر ما لا يقادر قدره ، ولا يبلغ مداه ، فضمّ إلى مصيبته مصيبة أخرى ، ولم يظفر بغير الجزع .
تفسير البغوي/ قال علي رضي الله عنه: كل مطيع يكال له كيلا ويوزن له وزنًا إلا الصابرون، فإنه يحثى لهم حثيًا . ويروى: "يؤتي بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صبًا بغير حساب" .
&&&&&&&